التعلم الاجتماعي العاطفي مدخل استباقي للتعامل بنجاح مع النزاعات
وحيد جبران
خبير تربوي ومدرب مستشار
مقدمة
لا يحسن الكثير من الطلبة التواصل مع أقرانهم بطريقة تستند على الاحترام المتبادل. وهم عندما لا يفعلون ذلك، فإنهم يمكن أن يكونوا في حالة نزاع؛ وهذا الأمر يجعل علاقاتهم مع الآخرين غير سوية ومتوترة، ويقلل من احتمالات نجاحهم الحياتي والأكاديمي، ويشتت جهودهم وطاقاتهم. لذلك؛ يجب على المعلمين والمرشدين مساعدة أولئك الطلبة في الحفاظ على علاقات إيجابية بناءة بينهم، والحفاظ على المجتمع السلمي والبيئة الآمنة التي يفترض أن تتوافر داخل الصف. وذلك عن طريق مساعدتهم على إدارة النزاعات التي تنشأ بينهم، وهذه ليست دائما مهمة سهلة.
إذا أردنا أن يعرف الطلبة كيفية التعامل مع الآخرين على نحو قائم على الاحترام المتبادل، فنحن بحاجة إلى توفير الفرص لهم للتفاعل وبناء العلاقات الإيجابية مع الأشخاص المختلفين وفي المواقف المختلفة بما في ذلك مواقف النزاع. وعلينا أن نكون نحن البالغين قدوة لهم في ممارسة هذا السلوك. وعلينا كذلك مساعدتهم على تعزيز الوعي الذاتي لديهم وفهم مشاعرهم الذاتية من جهة، والتعاطف مع الآخرين وتفهم مشاعرهم واحترامها من جهة ثانية. يساعد هذا الوعي الذاتي للمشاعر وتعلم مهارات التعاطف في فهم وجهات النظر المختلفة والنظر إلى الموقف من جوانب متعددة.
يتوقع من المدارس أن تكون أكثر من مجرد أماكن لتعليم اللغة والرياضيات والعلوم، وأكثر من أمكان للتحصيل الأكاديمي فقط، وأن توفر للأطفال المتطلبات الأساسية للنمو الصحي الشمولي والمتوازن؛ وهذا سيتطلب تدريبًا ممنهجاً وبناءً للمعرفة من قبل كل المعلمين وكافة العاملين في المدرسة، ويتطلب مجتمعا مدرسيا يشعر جميع الطلبة بخلوّه من التحيّز والتمييز والمضايقة والتنمر، ويسعى إلى فهم احتياجات الطلبة ويحترمها ويعمل على تلبية الممكن منها. وتستطيع المدرسة تحقيق ذلك من خلال التعلم العاطفي والاجتماعي، فما هو هذا التعلم؟ وما هي مهاراته ومتطلباته؟
سأحاول في هذه المقالة تناول ثلاثة اجزاء: الجزء الأول التعريف بالتعلم الاجتماعي العاطفي من حيث المفهوم والمهارات والمتطلبات، والجزء الثاني التعريف بكل من النزاع وإدارته وحله، والآثار السلبية التي قد تنتج عنه إذا لم تحسن إدارته، ومجموعة من الأساسيات التي يجب اعتبارها عند إدارة النزاع. أما الجزء الثالث من هذه المقالة، فسوف أتناول فيه بعض الممارسات والتطبيقات الصفية التي يمكن أن تسهم في بناء مهارات اجتماعية عاطفية تجعل من إدارة النزاع أو حله عملية فعالة وناجحة.
التعلم الاجتماعي العاطفي
في عام 1995 صرح دانيال جولمان، الخبير الرائد في مجال الذكاء العاطفي بأن الذكاء هو مؤشر ثانوي فقط للنجاح في الحياة، حيث أن المهارات العاطفية والاجتماعية تشير بشكل أفضل بكثير إلى النجاح والرفاهية من الذكاء الأكاديمي. وقام أرسطو بإيجاز ذلك في قوله: “المهارة النادرة هي أن تكون غاضباً مع الشخص المناسب، بالدرجة الصحيحة، في الوقت المناسب، للغرض المناسب وبالطريقة الصحيحة.”
Social & Emotional Learning (SEL)
يعرف التعلم الاجتماعي والعاطفي بأنه “العملية التي من خلالها يكتسب الأطفال والبالغون المعرفة والمواقف والمهارات اللازمة لفهم وإدارة العواطف، وتحديد وتحقيق الأهداف الإيجابية، واظهار التعاطف مع الآخرين، وإنشاء العلاقات الإيجابية والحفاظ عليها، واتخاذ قرارات مسؤولة. هذا التعريف ورد في مقال نشرته منظمة كاسيل على موقعها تحت عنوان
كاسيل هي منظمة رائدة تعد من أهم المؤسسات العاملة في مجال التعليم على مدى عقود طويلة والتي تهدف إلى تعزيز ممارسة التعلم الأكاديمي والاجتماعي والعاطفي المتكامل لجميع الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة من خلال المدرسة الثانوية (الحايك، 2017).
يمكن من خلال هذا التعلم تطوير قدرات الطلبة بحيث يصبحوا طلبة مهتمين، ومتواصلين، ومتوازنين.
أهمية التعلم الاجتماعي العاطفي
في عام 2011، نشرت مجلة “تنمية الطفل” مقالة علمية حللت فيها 213 برنامجا من برامج التعلم الاجتماعي والعاطفي في المدارس، شارك فيها 270034 طالبا في رياض الأطفال حتى الصف 12. كشفت النتائج أن الطلبة الذين شاركوا في التعلم الاجتماعي والعاطفي “دللوا على تحسن كبير في المهارات الاجتماعية والعاطفية، والمواقف، والسلوك” (الحايك، 2017).
ويمكن القول أن برامج التعلم الاجتماعي العاطفي تمكن الشخص الذي يشارك بفعالية فيها من أن:
- يستطيع أن يصل بسهولة إلى الناس، كما يستطيع أن يؤثر في الأخرين ويحرك في نفوسهم مشاعر الحب والولاء للمؤسسة التي يعملون فيها
- يسهم في خلق بيئة محفزة للعمل التشاركي ويثمن العلاقات الاجتماعية السوية التي تعزز العمل والإنجاز بما يحقق أهداف المؤسسة
- يسيطر على اندفاعاته وبهذا يكون أقل عرضة لنوبات الغضب وبعض السلوكيات السيئة الأخرى
- يستطيع أن يتعامل مع متغيرات الحياة، وأن يهتم بمشاعره، كما أنه يعرف كيف يقرأ إشارات الآخرين الاجتماعية
- يدرك مشاعره ومشاعر الآخرين، ويتعلم كيف يتدبر مشاعره بشكل بناء وفاعل أكثر؛ مما يجعله أكثر قدرة على الحضور والتركيز في المدرسة. أي أنه يمكن تعليم الذكاء العاطفي في المدارس دون المخاطرة بالتعلم الأكاديمي؛ فالطلبة يظهرون تحسنا في الأداء الأكاديمي بمشاركتهم في برامج التعلم الاجتماعي العاطفي
- يكون أكثر انسجاما مع مشاعره؛ مما يجعله يقترب أيضاً من مشاعر الآخرين
برامج التعلم العاطفي الاجتماعي:
يعمل مشروع حل النزاعات الإبداعي في أربعة مناطق مدرسية في مدينة نيويورك منذ مدة طويلة في أكثر من 400 مدرسة أميركية، ويعلم الطلبة من مستوى (ك – 8) حل النزاعات ومهارات العلاقات بين الأشخاص. وقد أظهر تقرير حول تأثير هذا المشروع أن المعلمين قد لاحظوا انخفاض العنف الجسدي في صفوفهم بمعدل 71%، وانخفاض حوادث الإزعاج اللفظي والإهانات بمعدل 66% بعد تطبيق البرنامج (عبد السلام، 2015).
كما أظهر تقرير آخر أنه في مدراس أطلنطا التي تبنت المشروع انخفض عنف الطلبة، وارتفع مستوى احترام الذات، وقل عدد الطلبة الذين يتركون المدرسة أو يفصلون منها، وأظهرت كلتا الدراستين أن الطلبة أكثر قدرة على تقبل الفوارق بين زملائهم الطلبة، ويستخدمون حل النزاعات في المواقف الأكاديمية وغير الأكاديمية (عبد السلام، 2015).
وأشارت عبد السلام (2015) إلى ما اكتشفه الباحث الأكاديمي (جون بيتون) من ربط بين التعلم الاجتماعي العاطفي والأداء الأكاديمي؛ حيث توصلت مراجعة فريقه في 317 دراسة تتضمن أكثر من 300 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 5 – 13 عاماً إلى نتيجة أن الأطفال الذين شاركوا في برامج التعلم الاجتماعي العاطفي سجلوا من 11 -17 % نقاطاً أعلى من هؤلاء المشاركين في مجموعات مغلقة ضمن عدة مواد. كما وجد أن مهارات الطلبة الاجتماعية والعاطفية قد تحسنت وانخفض سوء السلوك والعنف، كما أصبح لدى الطلبة ثقة أكبر بالنفس وتوتر عاطفي أقل دون أي انحدار في الأداء الأكاديمي.
يقول بيتون أنه على الرغم من أن بعض المعلمين يجادلون ضد إضافة هذا النوع من البرامج إلى المناهج لأنها تأخذ وقتاً قيماً من صميم المواد الأكاديمية، إلا أن الاكتشافات التي تم التوصل إليها تفيد بأن برامج التعلم الاجتماعي العاطفي لا تقلل من الأداء الأكاديمي بل تؤدي إلى تحسن ملحوظ في أداء الطلبة للامتحانات المعيارية.
يلاحظ أن برامج التعلم الاجتماعي العاطفي ذات الأثر الدائم تتوافر فيها المقومات الآتية (والش، 2018):
• تأخذ منهجًا للمدرسة بأكملها، حيث يشترك فيه كل طالب، وكل شخص بالغ في كل جزء من المبنى.
• توفر تدريبات لجميع الموظفين، واستخدام استراتيجيات على نطاق المدرسة.
• تفكر بشكل استباقي في احتياجات التعلم الاجتماعي العاطفي للعاملين، بدعم من الإداريين وقادة المدرسة.
مهارات التعلم الاجتماعي العاطفي
يحتاج الطلبة في المدرسة للكفايات الأكاديمية والتعليمية لتحقيق أهدافهم التعلمية، وللمشاركة بأفضل ما لديهم، وللسعي ليكونوا أشخاص ذوي شخصية سليمة وصحية. ومن جهة ثانية، فإنهم يحتاجون أيضا إلى مهارات التعلم الاجتماعي العاطفي الآتية (أراجيكـ، 2017):
أولا: الوعي الذاتي
Self- Awareness
هو القدرة على فهم عواطف الفرد وأهدافه الشخصية وقيمه، والتقييم الدقيق لنقاط قوته وقيوده. عندما يمتلك الطلبة هذا الوعي فإنهم يكونون قادرون على إدراك كيف تؤثر أفكارهم ومشاعرهم على سلوكهم. ويمكنهم تحديد الأشياء التي يجيدونها بدقة والأشياء التي قد يحتاجون إليها للعمل بجهد أكبر.
ثانيا: الإدارة الذاتية
Self- Management
هي قدرة الطلبة على تنظيم عواطفهم وأفكارهم وسلوكياتهم في المواقف المختلفة بنجاح. وهي تساعد الطلبة على تحديد أهدافهم والعمل من أجل تحقيقها، والتحكم في مشاعرهم، وإدارة الإجهاد بفعالية، وتحفيز أنفسهم تحت الضغط لتحقيق أهدافهم الشخصية والأكاديمية.
ثالثا: صنع القرار المسؤول
Making Responsible Decision
يتم التركيز هنا على تعلم كيفية اتخاذ خيارات بناءة ومسؤولة فيما يتعلق بسلوكهم الشخصي وتفاعلاتهم الاجتماعية. عندما ينخرط الطلبة في اتخاذ قرارات مسؤولة، فإنهم يتخذون إجراءات تراعي القواعد والمعايير الأخلاقية، وتحمي سلامة ورفاهية الآخرين والآخرين، وتقييم العواقب التي قد تؤدي إليها خياراتهم.
رابعا: العلاقة الصحية
Healthy Relationship
هي قدرة الطلبة على بناء علاقات صحية مع الآخرين والحفاظ عليها، بغض النظر عما إذا كان هؤلاء الأفراد من خلفيات أو ثقافات مماثلة أم لا. إن امتلاك الطلبة هذه المهارات يعني أن أنهم سيكونون أكثر قدرة على التعبير عن أنفسهم، والتواصل مع الآخرين والاستماع إليهم والتعاون معهم، ومقاومة ضغط الأقران، وحل النزاعات بطريقة بناءة وبعيدة عن العنف.
خامسا: الوعي الاجتماعي
Social Awareness
يشمل القدرة على إظهار التعاطف مع الآخرين، وتفهم وجهات نظرهم – حتى لو كان الأفراد من ثقافات أو خلفيات مختلفة. عندما يكون الطلبة مدركين اجتماعيًا، يكون لديهم فهم للمعايير الاجتماعية والأخلاقية ويمكن أن يتصرفوا وفقًا لذلك.
متطلبات تحقيق التعلم الاجتماعي العاطفي في المدرسة:
يتطلب تحقيق التعلم الاجتماعي العاطفي في المدرسة مجموعة من المتطلبات، أهمها(أراجيكـ، 2017):
أولا: بناء بنية أساسية للمدرسة تستطيع دعم التعلم الاجتماعي العاطفي
يبدأ ذلك من خلال مجتمع أو فريق يتحمل مسؤولية تنفيذ التعلم العاطفي الاجتماعي، ووضع خطة بعيدة المدى لهذا التعلم يشارك فيها جميع عناصر المجتمع المدرسي، ويتم فيها تضمن مقومات هذا التعلم في جميع الفعاليات المدرسية. ومن جهة ثانية، يجب أن ترتبط مسؤوليات وتوقعات المؤسسة التعليمية بأساليب التعلم العاطفي الاجتماعي ليكون الأمر فعالاً، وهذا يحدث فقط عند وجود فهم عميق لنظرية وأدب وتربية التعلم الاجتماعي العاطفي بالإضافة إلى وجود رؤية ملهمة وحس قوي باستثمار الموظفين، وبالتعاون مع الطلبة كشركاء في خلق واستمرار التغيير.
ثانيا: تحقيق الانسجام الجيد بين التعلم الاجتماعي العاطفي وبرامج المدرسة
يجب وجود توافق وانسجام بين التعلم الاجتماعي العاطفي والبرامج والأساليب التي تستخدمها المدرسة.
ثالثا: تبني مجموعة من القيم الأساسية والتأكيد عليها والربط بينها
إن العامل الرئيسي في تنفيذ تعلم عاطفي اجتماعي مستمر هو القدرة على دمجه مع المعايير والمبادئ والمهمات المرتبطة بالأمر. والمدرسة التي تريد تطوير التعلم الاجتماعي العاطفي فيها عليها تبني مجموعة من القيم منها: المسؤولية، العدالة، الاحترام، القيادة، الاكتشاف، التنظيم، النزاهة، الخدمة.
رابعا: تعريض الطلبة لفرص متواصلة لممارسة مهارات التعلم الاجتماعي العاطفي
لكي يتم اكتساب مهارات هذا التعلم وتحقيق أهدافه، ولكي يشق طريقه إلى عقول الطلبة وقلوبهم وأفعالهم، ينبغي توفير فرص عملية مستمرة لكي يتعلم فيها الطلبة هذه المهارات.
خامسا: التواصل مع من يسير في نفس الركب
إن مواجهة الصعوبات التي تجدها أي مدرسة عند التنفيذ والتغلب عليها يتم بواسطة التواصل مع الكثير من المدارس التي تسير في طريق التعلم الاجتماعي العاطفي. وتعد الشراكة أمر حساس جداً فيما يتعلق بمشاكل التنفيذ، وأولئك الذين ينفذون هذه الأساليب يمكن أن يصبحوا حلفاء حتى وإن لم ينجحوا في التحقيق المثالي لهدفهم.
النزاع وإدارته وحله
يعرف النزاع بأنه وضع أو موقف يكون فيه تعارض أو تضارب أو تناقض في مصالح طرفين أو أكثر أو أهدافهم أو قيمهم وآرائهم وأفكارهم ووجهات نظرهم؛ مما يدفع بطرفي النزاع إلى عدم القبول بالوضع القائم ومحاولة تغييره.
قد يؤثر النزاع على أداء الفرد أو المجموعة أو المنظمة إيجاباً أو سلباً حسب نوع النزاع ودرجته وأهدافه، ويرافقه إحساس بالحيرة، عدم الفهم لمواقف الآخرين، فقدان السيطرة وعدم الاطمئنان، اعتقاد أحد طرفي النزاع بأن الطرف الآخر يحاول منعه من تحقيق غايته.
أما إدارة النزاع، فهي مجموعة الكفايات (المعارف والمهارات والاتجاهات) التي لا تخاطب مصادر النزاع، ولكنها تركز على تعديل سلوك النزاع، وتساعد الأطراف المشتركة في النزاع في:
- فهم النزاع وتحليله والعمل على تلبية الاحتياجات والمصالح المتعارضة لطرفي النزاع دون اللجوء إلى العنف.
- الوصول إلى وجهة نظر أو سلوك يعمل على وقف قيام أطراف النزاع بسلوك معاد أو عنيف.
- خفض درجة تعقيد السلوك.
فيما يتعلق بحل النزاع، فهو عادة يأتي بعد إدارة النزاع، يهدف إلى مساعدة الأطراف المشتركة في النزاع في:
- فهم حاجات الأطراف الأخرى ومصادر النزاع وموضوعاته
- العمل على إيجاد ترتيبات دائمة تقود إلى حل النزاع
الآثار السلبية المحتملة للنزاع
يمكن أن يحدث النزاع في أي مكان في أي وقت. والمدرسة غير مستثناة من ذلك. إنه أمر بناءً إذا أحسنا إدارته والتعامل معه. ومن خلال إدارة النزاع داخل الصف يمكننا منع المشكلات من الخروج عن نطاق السيطرة. أما إذا تركنا النزاع يتطور ويتفاقم، فإنه قد ينتج عنه مجموعة من الآثار السلبية، منها:
أساسيات في إدارة النزاع
فيما يأتي مجموعة من الأساسيات التي يمكن أن تساعد عند التدخل لإدارة نزاع بين الطلبة من أجل تقليل التوتر، وخلق بيئة آمنة ومريحة، ومساعدة الطلبة على التركيز على تعلمهم (2017(REESON Education,
أولا: فهم ما حدث
نظرًا لتطور الموقف، من المهم أن تحاول فهم ما حدث حتى تتمكن من إيجاد أفضل طريقة للتعامل مع الموقف. من المرجح أن يحدد حجم النزاع كيفية التعامل مع الموقف. ولكن مهما فعلت، من المهم أن تفكر في الأمر بالكامل.
ثانيا: الفصل بين المتنازعين
إذا بدا شيء ما على وشك الخروج عن السيطرة، فبادر إلى التدخل للسيطرة على الموقف. فمثلا، إذا شاهدت طالبين في حالة نزاع، وبدأ التوتر يتصاعد بينهم، تحدث مع أحدهم وقل له أنك بحاجة إلى التحدث إليه في مكتبك. نأمل أن يؤدي ذلك إلى ابتعاد الاثنين عن بعضهما، وأن يسير الثاني بعيدًا. سوف يتيح لك ذلك التحدث إلى الشخص الآخر أيضا في وقت لاحق.
ثالثا: التفاوض لحل المشاكل
إذا بقيت المشكلة معلقة دون تدخل في محاولة لحلها؛ من المحتمل أن تظهر مرة أخرى على نحو أسوأ. تحدث إلى كل طرف من أطراف النزاع على حدة للحصول على جانبهم من القصة. بعد ذلك حاول جمع الشخصين في نفس الغرفة للتحدث معا والتفاوض؛ فإن ذلك سيساعد في نزع فتيل التوتر والتوصل إلى حلول وسط في تخفيف النزاع.
رابعا: التشاور مع الأهل
عند الحاجة، قد تحتاج إلى التواصل مع أولياء الأمور. اتصل بهم واطلب منهم الحضور إلى المدرسة لاطلاعهم على الوضع، والتشاور معهم.
خامسا: الانتباه إلى أن النزاعات الكبيرة تبدأ صغيرة
يلاحظ أن الكثير من النزاعات الكبيرة تكون قد بدأت صغيرة على شكل حادث طفيف نسبيا، فمثلا قد يؤدي استخدام طالب لممتلكات طالب آخر دون إذنه إلى تعارض كبير. ويلاحظ أن أعمال العنف التي يخشى أن تحدث نتيجة لتطور النزاع، أو التي قد تصاحبه هي ليست نتيجة لغياب القيم؛ إنما هي نتيجة نظام قيم لدى أحد الطرفين أو الاثنين يقبل العنف.
سادسا: فهم النزاعات السابقة يسهم حل النزاعات اللاحقة
اطلب من الطلبة مراقبة وتتبع بعض النزاعات التي شهدوها أو كانوا أطرافا فيها على مدى فترة زمنية، ويسر لهم مشاركة ملاحظاتهم طواعية، ومناقشة إيجابيات وسلبيات ردود أفعال الطلبة المشاركين.
سابعا: الاستماع الجيد يجنب الطلبة بعض النزاعات
تبدأ عديد النزاعات بسبب سوء الفهم وضعف التواصل؛ لذلك من المحتمل أن تسمع أشياء مثل “لم يستمع لي” أو “لم يفهموا ما كنت أقوله”. لتجنيب الطلبة بعض النزاعات، وفر لهم فرصة كافية لتعلم أساسيات الاستماع الجيد أو النشط مثل النظر مباشرة إلى المتحدث والاتصال معه بالعين، وتجنب مقاطعته، وتعزيزه من خلال لغة الجسد أو الابتسامة، وطرح أسئلة عليه لإظهار الاهتمام، وتكرار ما سمعوه بكلماتهم الخاصة.
ممارسات وتطبيقات صفية تساعد إدارة النزاع
فيما يأتي مجموعة من الممارسات المستمدة من التعلم الاجتماعي والعاطفي، والتي يمكن أن تخدم على نحو استباقي في إدارة النزاع وحله (شيفرـ 2017؛ عبد السلام، 2015):
شجرة التعبير عن المشاعر
ضع شجرة بلاستيكية داخل الصف، أو ارسم على لوحة شجرة وسمها “شجرة المشاعر”. شجّع الأطفال على التحدث عن مشاعرهم خلال اليوم الدراسي وتعليقها على الشجرة، مثل مشاعر: الغضب، الحيرة، الظلم، الغيرة، الإحباط، الفرح، السعادة.
محقق أو تحري المشاعر
اجعل الطلبة ينخرطون في تمارين بسيطة، مثل: اطلب منهم أن يقوموا بدور “محقق أو تحري المشاعر” الذي يحاول أن يتعرف كيف يشعر الآخرين في المواقف المختلفة. أو اطلب منهم توضيح ماذا يعني: احترام وجهات النظر والمعتقدات، التعاطف مع الآخرين وتفهم مشاعرهم، التعرف على رغبات الآخرين واحتياجاتهم.
مسار السلام
يقوم الطلبة المتنازعين، في هذا النشاط، بإخبار بعضهم بعضاً كيف يشعرون، ما الذي يريحهم؟ وما الذي يزعجهم؟ وتحديد ما سبب النزاع. وعبر هذا المسار يحاولون العمل معا لإيجاد حلول ممكنة عبر العصف الذهني، معاينة الاستراتيجية الأفضل، تجريبها، التفكّر والتأمل في النتيجة.
ألعاب سريعة
يمكن للمعلمين تنظيم مجموعة من الألعاب السريعة أثناء أوقات الاستراحة أو عند تنقل بين الصفوف لكي تساعد الطلبة على تطوير الوظائف التنفيذية ومهارات التنظيم الذاتي بطرق مرحة وجذابة ومستمرة.
رسائل الأنا
عندما ينشأ نزاع بين بعض الطلبة، يمكن تشجيع الطلبة على استخدام “رسائل الأنا” (“أنا أشعر _ عندما كنت _“) للتعبير عن مشاعرهم. يقوم الطالب/ة الذي يستخدم “رسالة أنا” بتطوير الوعي الذاتي والمفردات العاطفية، ويطور الطلبة المستمعون مهارات أخذ المنظور والتعاطف – والكل يطور مهارات حل النزاعات.
التحكم بالسلوك
يمكن أن تحتوي الصفوف الدراسية على مرافق وأدوات محددة لمساعدة الأطفال على التحكم بسلوكهم. قد يتم تخصيص منطقة في المدرسة أو في الصف لزيارتها عندما يحتاجون إلى الضغط على كرة التوتر أو يرغبون في استخدام شجرة المشاعر لمساعدتهم على التعبير عن شعورهم.
لعب الأدوار
يوفر لعب الأدوار طريقة فعالة للغاية لمساعدة طلبتك على إدارة النزاع؛ فعندما يقومون بلعب أدوار طرفي النزاع، واستخدام بعض استراتيجيات إدارة النزاع مثل التسوية، أو التفاوض، أو التجنب، فإنه يعلمهم التعاطف مع الآخرين، ويساعدهم على أن ينظروا إلى الأمور من وجهة نظر أخرى على نحو موضوعي، ويساعد أيضا في تزويدهم بمجموعة أدوات أساسية للاستجابة للنزاعات بطرق استباقية وإيجابية.
الكتابة عن النزاع
إذا قام الطلبة بالكتابة عن نزاع حدث داخل الصف؛ فإن ذلك يخدم عدة أغراض، منها: يوفر لطرفي النزاع مهلة أو فترة تهدئة، ويجعلهم يفكرون في النزاع بطريقة مختلفة، كما يتيح لهم التعبير عن أنفسهم – وهي أداة قوية ستساعدهم على أن يصبحوا أكثر وعياً بأنفسهم داخل الصف وخارجه. عندما يكتب الطلبة عن نزاع، اطلب منهم وصف كيف جعلهم يشعرون، وما هي الخيارات الأخرى الأفضل التي يجب أن يتخذوها أثناء النزاع. اطلب منهم أيضا اقتراح 3 أمور يمكنهم القيام بطريقة أخرى تجنبهم النزاع.
تتبع الذكاء العاطفي
عندما يتم تتبع المهارات الاجتماعية والعاطفية للطلبة في المدارس جنبا إلى جنب مع التحصيل والتقدم في المواد الأساسية؛ فإن ذلك يساعد في ترسيخ الوعي الذاتي، وإدارة المزاج والطباع، وتطوير مهارات العمل ضمن فريق، والتعاطف والتحفيز الذاتي – والتي حددها جولمان كسمات أساسية للذكاء العاطفي.
المراجع
“كيف تنفذ التعلّم العاطفي الاجتماعي في مدرستك؟”… مقالات للتعليم. أراجيك (2017).
https://www.arageek.com/edu/social-and-emotional-learning-in-your-school
“كيف تدعم المناهج الدراسية التعلم الاجتماعي والعاطفي”. الحايك، هيام (2017).
http://blog.naseej.com/كيف-تدعم-المناهج-الدراسية-التعلم-الاجتماعي-والعاطفي
تعليم الذكاء العاطفي للأطفال يساعد على التفوق. عبد السلام، هادية (2015).
http://tharwatna.com/تعليمالذكاءالعاطفيللأطفاليساعدعلىالتفوق
“التعلّم العاطفي الاجتماعي للوقاية من التنمّر على مستوى المدرسة”. شيفر، ليا (2017).
https://www.gse.harvard.edu/news/uk/17/03/schoolwide-sel-prevent-bullying-arabic
” ما الذي يجعل التعلم الاجتماعي العاطفي فعال؟”. والش، باري (2018).
https://www.gse.harvard.edu/news/uk/16/07/what-makes-sel-work-arabic
REESON Education. (2017). Managing Conflict in the Classroom
https://www.reesoneducation.com/managing-conflict-classroom/